قضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة اليوم بحظر إعادة تصحيح أوراق طلاب الجامعات عن طريق جامعة أخرى إلا فى حالة إساءة استعمال السلطة. وأكدت برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن التصحيح عملية فنية وعلمية بحتة ولا يجوز تسليط رقابة الأساتذة فى جامعة أخرى على تصحيح زملائهم فى الجامعة التى يدرس الطلاب بها. وقضت المحكمة -عضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاورى - برفض طلب 4 طلاب بكلية الشريعة والقانون فى دمنهور بإعادة تصحيح أوراق إجاباتهم عن طريق جامعة أخرى واعتدت بالتصحيح الذى تم من أساتذتهم باعتباره عملا فنيا بحتا يخضع لتقدير الأستاذ طالما خلا تصرفه من إساءة استعمال السلطة وألزمتهم بالمصروفات.
قالت المحكمة أن المشرع الدستورى ألزم الدولة بكفالة استقلال الجامعات وتوفير التعليم الجامعى وفقا لمعايير الجودة العالمية وتطوير التعليم الجامعى كما ألزمها بكفالة حرية البحث العلمى وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة، وقد اشترط المشرع العادى لنجاح الطالب فى الامتحانات أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهمه وتحصيله، واذا كان التعليم الجامعى على النحو المتقدم يختلف عن التعليم قبل الجامعى خاصة فى مسابقة الثانوية العامة التى تعتمد على المنهج المدرسى الذى تقرره الدولة للكافة حيث يوضع امتحان واحد على مستوى الجمهورية وبالتالى كان بديهيا أن يكون هناك نموذج للتصحيح يسير على هديه المصححون، وكان لازم على المحكمة أن تستعين بأهل الخبرة من المدرسين بإحالة طلب طلاب الثانوية العامة بالطعن على نتيجة الإجابة للجنة ثلاثية من المدرسين بمعرفة وزارة التربية والتعليم لتقوم بتقييم الإجابة طبقا لنموذج الإجابة، اما التعليم الجامعى فانه يختلف عن نظام مسابقة الثانوية العامة اختلافا جوهريا اذ يقوم فى الجامعة على حرية الطالب فى البحث العلمى فى كل جامعة على حدة وقوام إجابة الطالب الفهم والتحصيل، وبالتالى يغدو من العبث وضع نموذج لإجابة الطلاب يسير على هديه المصحح باعتبار أن لجوء الطالب إلى الابحاث العلمية والمراجع الدراسية هو الامر الواجب للتعليم الجامعى دون اجباره على الاعتماد على كتاب استاذ المادة، مما لا يجوز معه فى الفهم القانونى السديد احالة الطعن على نتائج طلاب الجامعات إلى لجنة خبراء من المصححين بجامعة أخرى لتحكم على تقييم الجامعة الاولى مما يهدر قيمة الاستاذ الجامعى ويناقض حرية الطالب فى البحث العلمى، ويفتح بابا للمحاباة أو الموالاة وكلاهما محظور يتعارض مع الشفافية المطلوبة وتكافؤ الفرص بين الطلاب طالما تم التصحيح ممن اناط به القانون ذلك وذلك باستثناء رقابة القضاء الإدارى على عيب الانحراف بالسلطة الذى تستظل العدالة الإدارية به دون عاصم منه حال اثبات الطالب له بحسبانه من العيوب القصدية. وأكدت المحكمة أن أعمال تصحيح أوراق إجابات طلاب الجامعات فى الامتحانات المختلفة وتقدير الدرجات من الأمور الفنية التى تستقل بها الجامعة بما لها من سلطة تقديرية فى هذا الشأن دون معقب عليها وأن رقابة القضاء الإدارى تقف عند حدها الطبيعى بالنسبة للمسائل المادية كالسهو فى تصحيح سؤال أو الخطأ فى رصد الدرجات أو جمعها أو عند ثبوت انحراف جهة الإدارة بسلطتها فى هذا المجال لتحقيق أهداف بعيدة عن الصالح العام. وأضافت المحكمة:الثابت بالأوراق أن الطالب الأول حصل على صفر فى المنظمات الدولية بالفرقة الاولى بكلية الشريعة والقانون بدمنهور بينما حصل الطالب الثانى على تقدير ضعيف "راسب "فى مادة القانون المدنى بالفرقة الثانية بذات الكلية وحصل الطالب الثالث بالفرقة الرابعة على النجاح فى ثلاث مواد القانون التجارى والبحرى على 76 درجة بتقدير جيد وأصول الفقه على 60 درجة بتقدير "جيد" والفقه الشافعى على 45 درجة بتقدير "مقبول " لكنه يريد "ممتاز" كما حصلت الطالبة الرابعة ابنة أحد المستشارين بهيئة قضائية بالفرقة الثانية بكلية الدراسات الاسلامية والعربية بنات بدمنهور شعبة الشريعة والقانون بدمنهور جامعة الأزهر على مجموع 63 درجة من المجموع الكلى لدرجات مادة القانون المدنى " مصادر الالتزام " وهو 100 درجة بتقدير"مقبول "وتريد تقدير أعلى وإنه بعد اطلاع المحكمة على أوراق إجابتهم جميعا وجدت أن عملية التصحيح شملت جميع إجاباتهم، وتم تقدير الدرجات المستحقة عليها، ورصد الدرجة المستحقة، كما خلت الأوراق مما يثبت أن ثمة انحرافا بالسلطة أو إساءة لاستعمالها، وتطمئن المحكمة لتقدير إجابات هؤلاء الطلاب ونتيجتها ودون الاحتجاج بندب أعضاء من هيئة التدريس بكليات الحقوق أو الشريعة والقانون من الكليات الأخرى لإعادة تصحيح أوراق إجابتهم فى المواد المشار اليها. وذكرت المحكمة انها لا تستجيب لإعادة التصحيح لأن إحالة الطعن على نتائج طلاب الجامعات إلى لجنة خبراء من المصححين بجامعة أخرى لتحكم على تقييم الجامعة الأولى يهدر قيمة الأستاذ الجامعى ويناقض حرية الطالب فى البحث العلمى ويكون مدعاة للمحاباة أو الموالاة وإخلالا بمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب وطالما أن عملية تصحيح وتقدير درجة الإجابة قد تمت دون أن تسىء جهة الإدارة لسلطتها أو تتعسف فى استعمالها عند قيامها بهذه العملية ، خاصة وأنه تلاحظ للمحكمة بأن سيل الطعون على نتائج امتحانات الجامعات تخص كليات الحقوق والشريعة والقانون وغايتها هو الحصول على درجات أعلى من المستحق عن طريق جامعة أخرى غير المقيد بها الطالب للالتحاق بالوظائف العامة ما يتوجب معه استنهاض همة العدالة لسد هذا النزيف فى الجسد الجامعى وإحياء الثقة فى شفافية الأستاذ الجامعى طالما خلا تصرفه من عيب الانحراف بالسلطة. واختتمت المحكمة حكمها الهام بأن المحكمة الإدارية العليا استقرت على أن المشرع منح الجهة الإدارية المختصة سلطة تقديرية وهى تصحح إجابات طلاب الجامعات فى الامتحانات وتقدير الدرجة التى تستحقها تلك الإجابات من وجهة نظر المصححين والمراجعين التابعين لتلك الجهة دون أن تخضع الجهة الإدارية وهى تقوم بتلك العملية لرقابة القضاء الإدارى بحسب أن تلك المسألة من المسائل الفنية البحتة تمارسها الجهة الإدارية فى ضوء القواعد والتعليمات والضوابط العلمية والفنية التى تضعها تلك الجهة وحتى لا يتدخل القضاء الإدارى فى مسألة علمية وفنية بحتة وكذلك حتى لا يحل نفسه محل تلك الجهة فى مسألة هى من صميم اختصاصها وكل ما يملكه القضاء الإدارى فى شأن تلك العملية هو التحقق من أن جميع إجابات الطالب على الاسئلة المطلوبة تم تصحيحها وتقدير الدرجة لها بمعرفة المصحح والمراجع ولم تترك إجابة سؤال أو أى جزئية منها دون تصحيح وتقدير درجة لها وأنه تم جمع الدرجات التى منحت للطالب ورصدها جميعا رصدا سليما دون وقوع أى خطأ فى جمع الدرجات ورصدها، كما أنه للقضاء الإدارى أن يتحقق من أن عملية تصحيح وتقدير درجة الإجابة تمت دون أن تسئ جهة الإدارة لسلطتها أو تتعسف فى استعمالها عند قيامها بهذه العملية وانه خارج هذا النطاق لا يملك القضاء الإدارى بسط رقابته على الجهة الإدارية وهى تقوم بتلك العلمية.